تُقدِّم هذه الورقة رصدًا سريعًا وملخصًا لمسار الدعم في مصر منذ بداية القرن العشرين وحتى الآن، مع سرد مختصر غير مُخل للسياق التاريخي الذي واكبه، بدءًا من الحرب العالمية الأولى والثانية، ثم عصر يوليو 1952 بخمسيناتها وستيناتها. ثم انفتاح السبعينات وما بعده وصولًا للحقبة الحالية، ورصد لمسار الدعم الحكومي في قطاعين حيويين في الاقتصاد المصري؛ وهما: الخبز والمواد البترولية.
كيف ومتى ظهر الدعم لأول مرة؟
بدأت الدولة في دعم بعض السلع في العقد الثاني من القرن العشرين إبّان الحرب العالمية الأولى بشكل غير مؤسَّس، وذلك على خلفية الركود والكساد والعوز الذي ساد العديد من أقاليم العالم بسبب تبعات الحرب، وبالعودة بالتاريخ للمصادر – وأغلبها صحفية نظراً لندرة المصادر الرسمية الرقمية التي تتحدث تفصيلا عن الدعم في النصف الأول من القرن العشرين والتي لا تذكر حتى عام تأسيس وزارة التموين – تمثلت بداية الدعم في استيراد الحكومة لكميات من القمح والدقيق من أستراليا حيث تولت بيعه في منافذ تابعة لها بأسعار مخفَّضة وتحَملّها فارق التكلفة، بجانب توفير الكيروسين والأقمشة الشعبية(الكستور). فيما لم يتسنى معرفة مدى امتداد هذا الدعم زمنياً أو مكانياً، يوجد مرسوم ملكي بإنشاء وزارة الشؤون الاجتماعية قبيل الحرب العالمية الثانية مباشرة وكان ضمن مسؤولياتها أعمال البر والإحسان وتحسين أحوال العامل والفلاح ورفع مستوى معيشتهما، وذلك قبل دمج الوزارتين لاحقًا ثم فصلهما مرة أخرى.