العنف ضد الفتيات
توافق الفترة ما بين 25 نوفمبر و10 ديسمبر الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، ويمكن في هذه الفترة تسليط الضوء على العنف ضد الفتيات في مصر، وتعرف الفتاة بأنها كل إنسانة لم يجاوز سنها الثامنة عشرة عامًا. واخترنا هذه القضية بالذات لأن الفتيات تحت سن الثامنة عشر يواجهن أشكال مختلفة من العنف الأسري، ولا يمتلكن الأدوات لحماية أنفسهن منه، ولا تكفي الإجراءات القانونية لحماية الفتيات من العنف. في مصر، تتعرض الفتيات لأنواع مختلفة من العنف الأسري، تتنوع ما بين العنف النفسي، البدني، الجنسي، والحرمان من حرية الاختيار والحركة، وأحيانًا الإجبار على ترك التعليم. وبصدد ذلك، لا تمتلك الفتيات المعنفات الأدوات التي تستطيع بها طلب المساعدة من الجهات المعنية لحمايتها للعنف، ويؤثر تعرضها للعنف الأسري على مسار حياتها فيما بعد. وبالرغم من انتشار العنف الأسري مجتمعيًا، إلا أن الأرقام والإحصائيات الخاصة بجرائم العنف ضد الفتيات محدودة جدًا، وذلك يرجع في نظرنا لعاملين رئيسيين، أولًا، أن الفتيات تحت سن الثامنة عشر عندما يطلبن المساعدة لا بد من أن تكون من خلال وليها، وثانيًا، أن شئون الفتيات ينظر لها كأمر يخص أسرهن فقط، وخصوصًا رجال الأسرة، لأن مكانة الرجال المجتمعية تجد مصدرها في مدى سيطرتهم على نساء أسرهم، وخصوصًا بناتهم وأخواتهم. وبالتطرق لمدى انتشار أشكال العنف الأسرى نجد أنه حتى وقتنا الحالي، يسود التأديب البدني على طرق التربية، وتعتبر سلطة الآباء مطلقة على الفتيات في التربية والتأديب، ويرجع ذلك للإطار المجتمعي الداعم لهذا العنف بجانب اعتباره مباحًا طبقًا للمادة ٦٠ من قانون العقوبات. ويصل التعنيف البدني في بعض الحالات إلى تعنيف بدني شديد وتعذيب للفتيات، فينتشر العنف البدني كطريقة للتربية بنسبة ٨٢٪ في مصر، بينما يصل التعنيف البدني القاسي إلى ٤٠٪ من الأطفال. علاوة على العنف البدني، تنتشر جرائم الشرف بين الأسر، من ضرب مبرح وحبس وكشوف عذرية وقتل، فيمكن الاستدلال على تعرض الفتيات للعنف من الأسرة من خلال نسب تعرضهن للعنف بعد إتمامهن سن الثامنة عشر، حيث تتسم جرائم العنف الأسري بالاستمرارية، فتتعرض ١٧٪ من النساء بعد سن الثامنة عشر إلى العنف البدني، ويرتكب الأب ٥٠٪ من تلك الجرائم، في حين يأتي الأخ كثاني أكثر مرتكب للعنف البدني بنسبة ٣٠٪، وتأتي بعدهم الأم بنسبة ١٩٪. وتمثل جرائم الشرف ٩٠٪ من جرائم قتل النساء والفتيات في مصر، وكان الشك في السلوك هو المحرك الأساسي ل٧٠٪ من تلك الجرائم، وارتكب الأشقاء ٢٠٪ من تلك الجرائم ضد الفتيات، بينما ارتكب الأب ٧٪ من تلك الجرائم ضد النساء. كما تنتشر أيضًا جرائم العنف الجنسي ضد الفتيات، ولا توجد أرقام واضحة تقدم تصورات واضحة عن نسبة تعرض الفتيات للعنف الجنسي، عدا التي تحصي معدلات تعرضهن للعنف الجنسي منذ بلوغهن سن الثامنة عشر، فذكرت ٢,٩٪ منهن عن التعرض للعنف الجنسي من الأب، و٠,٧٪ من الأخ، علاوة على التقاليد الضارة التي تمارس على الفتيات من الختان والزواج المبكر بنسب ٩٠٪ و٢٥٪ على الترتيب. وبعض هذه الممارسات مجرمة قانونًا، مثل الختان والعنف الجنسي المرتكب من إحدى أفراد الأسرة، ولكن لا زال القانون يرى أن الضرب مباح لتأديب الأطفال والفتيات، وأن بلوغ سن الثامنة عشر ضروري فقط لتسجيل عقد الزواج، ولكن الفعل ذاته غير مجرم ويعتبر زواجًا شرعيًا في نظر القانون. ولا يكفي تجريم تلك الممارسات فقط في القانون، فالختان على سبيل المثال مجرم في قانون العقوبات منذ عام 2008، ولا يتم التعامل مع قضاياه بجدية من القضاء، بالإضافة لعدم التبليغ عنه من الأساس، وذلك بالرغم من تغليظ عقوبة الختان عام 2021. وفي ضوء هذه العوامل المجتمعية التي تؤثر على أجهزة العدالة في التعامل مع قضايا العنف ضد الفتيات، يجب الالتفات لسبل التبليغ من قبل الفتيات المعنفات، بحيث تستطيع الفتاة الابتعاد عن مصدر تعرضها لخطر العنف، وهم أفراد أسرتها. ولكن حتى الآن، لا توجد أي آلية قانونية واضحة للتعامل مع المعنفات، حتى في حالات إدانة مرتكب العنف ضدها. حيث لا تستطيع الفتيات التبليغ عن تعرضهن للعنف، لأن التبليغ يعد بمثابة تحريك دعوى، وهو ما يتطلب إكمالها سن الـ15 سنة، أو تقديم البلاغ من وليها، الذي يكون في معظم الأحيان معنفها. بالإضافة لذلك، لا تمتلك الفتيات أي خيار للابتعاد عن مصدر تعرضها للعنف، أي منزل الأسرة، لغياب قدرتها الاقتصادية والقانونية على فعل ذلك، علاوة على غياب توفير أي بديل لمنزل الأسرة من قبل أجهزة الدولة، سواء كان المجلس القومي للمرأة أو وزارة التضامن الاجتماعي ممثلة في دور الرعاية، فدور الرعاية محدودة جدًا، وتتحدد مدة الأقامة بها لسنة واحدة، كذلك يعد مكانها معلومًا للمعنفين، فيمكن الوصول للفتيات بسهولة وإرجاعهم بالإجبار إلى المنزل. بجانب ذلك، نجد أن قانون الطفل والأحكام الخاصة بحضانة الأطفال في الأحوال الشخصية تفتقر إلى خلق بدائل للتعامل مع الفتيات المتعرضات للعنف، أو حتى كمجني عليهن من أسرهن في ممارسات مجرمة قانونًا، حيث أن قانون الأحوال الشخصية فقط يتحدث عن تدرج الحضانة في حال انفصال الزوجين، أو موت أحدهما، ولكن تغيب أي نصوص لنزع حضانة الوالدين مرتكبي العنف ضد الفتيات. فضلًا عن ذلك، يتناول قانون الطفل أن يتم إيداع الأطفال في دور الرعاية حتى يتم توفير أسر بديلة لهم، ولكن يحدد هؤلاء الأطفال بالمفقودين، أو مجهولي النسب، والذين لا يستدلون على أسرهم، أو من سجن والديهم، بينما لا يتم تضمين الفتيات المعنفات في مواد القانون، حتى في القضايا تصل حدتها لتعرض الفتيات للعنف الجنسي من الأب. ونظرًا لهشاشة الفتيات اقتصاديًا، وأهمية الحفاظ على صحتهن النفسية، لأن فترة الطفولة تتشكل خلالها شخصية الإنسان، وتؤثر على خيارات حياته واستقراره النفسي، يجب التعامل بطريقة أكثر جدية مع العنف ضد الفتيات، والتوقف عن رؤيته شأن أسري يخص فقط أبوي الفتاة، وبالتالي، يجب إدخال تعديلات تشريعية قوية، تجرم كافة أشكال الممارسات العنيفة نفسيًا وبدنيًا وجنسيًا ضد الفتيات. هذا بجانب تأهيل كوادر للتعامل السريع والمستجيب لتبليغات الفتيات عن تعرضهن للعنف، وفي حالات حدة الخطر وتقويضه لسلامة النساء، يجب إعادة النظر في هذا الصدد على تعامل الدولة مع نظام الأسر البديلة، من خلال حلول داخل الأسرة الممتدة نفسها، بأن تنقل حضانة الفتيات لأفراد أمينة ومؤهلون للتربية من أسرتها كالأجداد أو الخالات والعمات. وفي حال غياب هذه الإمكانية، يستوجب الانفتاح بشكل أكبر على توفير أسر بديلة للفتيات، لتوفير بيئة آمنة لهن للعيش بها. كذلك المضي قدمًا في كسر الصورة النمطية عن السلطة المطلقة للأهالي على أبنائهم، من خلال حملات التوعية إعلاميًا وميدانيًا، وأنهم غير بعيدين عن المحاسبة في حال كونهم غير أمناء على أولادهم، وتعزيز مصلحة الطفل الفضلى بشكل حقيقي كما نص عليها في قانون الطفل واتفاقية حقوق الطفل التي صدقت مصر عليها. نادين نمري، “ضرب الأطفال مباح في القوانين العربية”، 11 أغسطس 2016. منال الوراقي، “جرائم الشرف.. يرتكبها الجناة بقصد إزهاق الأرواح لكن ليس لها
اليوم العالمي للمرأة

يوافق 8 آذار/مارس اليوم العالمي للمرأة، وتختار الأمم المتحدة سنويًا قضية لتسليط الضوء عليها بمناسبة هذا اليوم، ولكننا اخترنا الحديث عن تحديد النسل تزامنًا مع طرحه من الحكومة المصرية خلال الشهرين الماضيين. في 2020، تجاوز التعداد السكاني المصري حاجز المئة مليون نسمة، وأبدت الحكومة في أكثر من مناسبة رغبتها في تقليص معدل النمو السكاني، من خلال سياسات تحديد النسل. الجدير بملاحظته أن الحكومة في الاستراتيجية القومية للسكان 2015 – 2030، والاستراتيجية القومية للصحة الإنجابية 2015- 2020 لم تستند إلى رؤية شاملة تكفل الحقوق الجنسية والإنجابية للأفراد والأسر، وإنما ركزت فقط على قياس معدلات الخصوبة والزيادة السكانية للوقوف على نجاح الخطة أو فشلها. بداية، عند وضع خطة قومية للصحة الإنجابية، ينبغي الالتفات إلى من تشمله مظلة التأمين الصحي، حيث أن 8% فقط من النساء المصريات مؤمن صحيًا عليهن بحسب المسح السكاني الصحي لمصر الصادر عام 2014، ولذلك يستلزم التركيز على احتياجات الفئات الأكثر هشاشة لتلبيتها، وخصوصًا المراهقات والشابات، وساكنات ريف الوجه القبلي والمحافظات الحدودية، والنساء الفقيرات، والمصابات بفيروس نقص المناعة المكتسب. يمكن لنا الاعتماد على ما حددته منظمة الصحة العالمية كمعايير لفعالية استراجيات الدولة لتحديد النسل أو للصحة الإنجابية بعدة مؤشرات مهمة، منها وصول النساء للمعلومات عن صحتهن الجنسية والإنجابية، وذلك من خلال المناهج التعليمية في المدارس والجامعات، وأيضًا من خلال مقدمي الرعاية الصحية. بالإضافة لذلك، يجب توفير خدمة صحية بجودة عالية تتلائم مع ظروف فئات النساء المختلفة، دون تمييز، وبتكلفة مناسبة لهن. وبالنظر للواقع المصري، رصد المسح السكاني الصحي أن النساء اللاتي سبق لهن الزواج تتلقى وسائل تنظيم الأسرة من القطاع الحكومي بنسبة 57%، مقارنة ب43% في القطاع الخاص. ذلك يعني حاجة النساء للخدمات الصحية منخفضة التكلفة، وأن عدم توافر أو انخفاض جودة تلك الخدمة الصحية، أو الحرمان من إتاحة المعلومات الطبية والموارد الكافية من الأدوية وسبل العلاج ستؤدي لتأثير سلبي مباشر على النساء وأطفالهن. فنجد أن 13% من النساء اللاتي لم يسبق لهن الزواج لديهن حاجة غير ملباة لاستخدام وسائل تنظيم الأسرة. فعلى سبيل المثال، تستخدم النساء المتزوجات الواقي الذكري بنسبة 0.8% فقط مقارنة بباقي الوسائل، وهو وسيلة من وسائل منع الحمل والحماية من الأمراض المنقولة الجنسية، ويتلقاه معظم مستخدميه من الصيدليات الخاصة. يمكن أخذ هذه النسبة الضئيلة كمؤشر على غياب الوعي بالصحة الجنسية والإنجابية، فتعلم 5% من النساء فقط بطرق انتقال فيروس نقص المناعة المكتسب المسبب للإيدز، وذلك يوضح ضعف جودة الرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية، وعدم توافر التجهيزات والأدوية الكافية في القطاع الصحي الحكومي. ومن ناحية المساواة في تقديم الخدمات الصحية، تعاني المراهقات والشابات غير المتزوجات تحديات كبيرة لتلقي المشورة الطبية والعلاج، حيث لا تتوافر المعلومات الكافية عن الصحة الجنسية والإنجابية في المدارس، وتقصر سياسات وزارة الصحة تقديم العيادات الحكومية المدعمة للمشورة والفحص والعلاج للشباب المتزوج طبقًا لتحليل الوضع السكاني الصادر عام 2016، فضلًا عن أن الإجهاض الآمن مجرم قانونًا، حتى في أكثر حالات حاجة له، فلا يحق للناجيات من جرائم الاغتصاب أو الزواج المبكر الإجهاض. فتجد المراهقات والشابات أنفسهن غير قادرات على معرفة المعلومات الأساسية الخاصة بأجسادهن وبالتبعية يفقدن القدرة على حماية أنفسهن من الحمل غير المرغوب، أو الأمراض المنقولة جنسيًا. وبجانب ضعف الرعاية الصحية الحكومية والتمييز في تقديمها، لم تجري الدولة مسحًا شاملًا صحيًا وديموغرافيًا منذ عام 2014، وذلك من ناحية يؤدي لوضع خطط قاصرة قومية للصحة الإنجابية، لعدم توافر معلومات وأسس سليمة يمكن الاستناد عليها، ومن ناحية أخرى يفتقر السكان والمؤسسات للوصول للمعلومات الكافية عن الحالة الصحية والسكانية للمصريين. وفي اليوم العالمي للمرأة، نوصي عند تطبيق الدولة رؤيتها للصحة الإنجابية للمصريات أن تمكنهن من اتخاذ القرارات الكاملة الخاصة بأجسادهن، من خلال توفير الوعي والتعليم الجنسي والإنجابي، وتوفير الرعاية الصحية المناسبة لهن ولأطفالهن، وتمكينهن من اتخاذ قرارات الإنجاب داخل الأسرة من خلال سياسات صحية عادلة لهن، وقوانين أسرية تضمن حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية، ولا تجعلهن مضطرات للخضوع لرغبات الزوج والعائلة في الإنجاب بديلًا عن اختيارها.
وسائل تنظيم الأسرة

تعد وسائل تنظيم الأسرة (موانع الحمل) حاجة صحية ملحة للنساء بمختلف أعمارهن، وتمثل حقهن بالتحكم في أجسادهن، من خلال تمكينهن من اتخاذ قرارات الإنجاب المناسبة لوضعهن الصحي والاجتماعي، وللمباعدة ما بين الأطفال، وتجنبهن اللجوء للإجهاض غير الآمن وتحميهن من الأمراض والعدوى المتناقلة جنسيًا، منها فيروس نقص المناعة البشري HIV.
الاغتصاب الزوجي

يعرف الاغتصاب الزوجي، قيام الزوج بممارسة علاقة جنسية مع الزوجة كرهًا عنها، وذلك باستخدام القوة، أو عن طريق تهديدها. واعتبرت الأمم المتحدة الاغتصاب الزوجي شكلًا من أشكال عنف الشريك الحميمي، وبالرغم من ذلك، لا يجرم القانون المصري الاغتصاب الزوجي ولا يدينه المجتمع.
زواج القاصرات

يعتبر زواج القاصرات عنفًا جنسيًا ضد الفتيات، فالعنف الجنسي هو إقامة علاقة جنسية مع شخص دون موافقته، أو عدم قابليته الإدراكية لإبداء الرفض.
ما هو ختان الإناث؟

تعرف منظمة الصحة العالمية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أو ختان الإناث بأنه جميع الممارسات التي تنطوي على إزالة الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام، أو إلحاق إصابات أخرى بتلك الأعضاء بدواع لا تستهدف العلاج. ويرجع انتشار الختان بشدة في مصر للأعراف المجتمعية المعتقدة بأن ذلك سيفقد المرأة رغبتها في الجنس، حيث يرتبط مفهوم الشرف مجتمعيًا بامتناع النساء عن أي علاقات جنسية خارج إطار الزواج.
التحرش الجنسي

في محاولة من منظمة العمل الدولية للحد من التحرش الجنسي داخل أماكن العمل، أصدرت الاتفاقية 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل ، ولكن لم تصدّق مصر على الاتفاقية حتى الآن.
أشكال العنف الجنسي
يعتبر التحرش الجنسي أكثر أشكال العنف الجنسي شيوعًا، وأكثر مواضيع العنف الجنسي في التناول المجتمعي والإعلامي، ويسلط الضوء على جريمة التحرش الجنسي مع كل حادثة فجة يكثر تداولها في الرأي العام.
حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة

يعد العنف الجنسي ضد النساء مسألة صحية عمومية، ذلك لما ترتبه حوادث العنف الجنسي من أضرار نفسية وبدنية وجنسية على النساء وربما تصل تلك الاعتداءات حد وفاتهن. علاوة على ذلك، يسفر العنف الجنسي عن تكلفة اقتصادية كبيرة،