ما هي أقوى المؤثرات في المواقِف الجندرية للوطن العربي؟

تأتي هذه الورقة كسادس مخرجات النسخة الثانية من برنامج “باحثي المدينة”،وستُناقَش ضمن سلسلة ندوات تُسلّط الضوء على أوراق المشاركين/ات في البرنامج. تعتمد الورقة فرضية أن قيم القرابة الأبوية تشكل أحد العوائق الرئيسية أمام تحقيق المساواة بين الجنسين في السياق العربي، إلى جانب عوامل أخرى مثل النفط، وغياب الديمقراطية، والجنس، والمستوى التعليمي، بينما تعذّر تقييم أثر التدين بدقة لأسباب تتعلق بصلاحية المتغيرات، اختُبِرَت الفرضية من خلال جمع وتحليل بيانات الرأي العام المسُتخلصة من مسح القيم العالمية لثلاثة عشر دولة عربية، على مدى عقدين.
أزمات متوازية، ما نصيب النساء منها؟

يوافق يوم السبت 25 نوفمبر اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، ولا يمكننا بأي حال تناول هذا الموضوع دون مناقشة- من قريب أو بعيد- الأزمات المتوازية الدائرة حاليًا في عدة بلدان من المنطقة العربية والجنوب العالمي. في الحرب الدائرة على قطاع غزة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بلا هوادة منذ السابع من أكتوبر الماضي، يعاني الشعب الفلسطيني أينما معاناة، وفي القلب منه النساء الفلسطينيات اللاتي تتكالب عليهن وطأة الحروب والتهجير القسري والأمطار واقتراب برودة الشتاء، بجانب أعباء الاهتمام بالصغار وحمل الأغراض ومحاولة توفير أي طعام رغم عدم وجود مواد غذائية كافية وإغلاق المخابز، والمعاناة المضاعفة في الحمل والرضاعة، والولادات بدون تجهيز، ناهيك عن النقص الشديد في مستلزمات الدورة الشهرية والمعاناة في النظافة الشخصية بسبب شح المياه واكتظاظ دورات المياه. مع وجود أكثر من 50,000 امرأة حامل في غزة وحدها، من المقرر أن تلد حوالي 5500 امرأة خلال شهر، أي أكثر من 180 ولادة كل يوم. لا يمكن تخيل هذا مع إغلاق المستشفيات وقطع الكهرباء والوقود عن القليل المتبقي منها. قطاع غزة أكثر الأماكن اكتظاظًا بالسكان في العالم، وواحدة من كل أربعة من سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة هم من النساء في سن الإنجاب- حوالي 542,000 امرأة- ويحتجن إلى الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية وفقًا لإحصاءات صندوق الأمم المتحدة للسكان[1]، ومن المرجح أن تعاني 15% منهن من مضاعفات الحمل أو المضاعفات المرتبطة بالولادة وأن يحتجن إلى رعاية طبية إضافية. لن تجد معظم هؤلاء أمامها إلا الولادة في الملاجئ أو في الشوارع وسط الأنقاض بدون أي إجراءات للسلامة، أو في مرافق الرعاية الصحية المكتظة بالفعل والمعدودة، حيث تتردى الخدمات ويتفاقم خطر العدوى والمضاعفات الطبية من نزيف حاد وغيره. كما أن للآثار النفسية للأعمال العدائية عواقب مباشرة- وأحيانًا مميتة- على الصحة الإنجابية، بما في ذلك زيادة حالات الإجهاض والإملاص والولادات المبكرة المرتبطة بالإجهاد، كما تحذر مختلف وكالات الأمم المتحدة[2]. تفيد تقارير متعددة وشهود عيان بإجراء عمليات ولادة قيصرية بدون بنج، واضطرار السيدات مغادرة المرافق الطبية بسرعة لإفساح المجال لحالات أخرى طارئة. الوضع بطول القطاع المُحاصر منذ 15 عامًا في غاية السوء للنساء، حتى أن بعض التقارير تشير إلى “إبادة إنجابية”[3] متعمدة تستهدف بالأساس اقتلاع المقاومة الفلسطينية من مهدها. انتهاكات مماثلة تطال السودانيات جرًاء الحرب التي طال أمدها وخف التركيز عليها بعد 6 أشهر من اندلاعها. حصدت الحرب حتى الآن حياة 9 آلاف شخص، وأسفرت عن تهجير أكثر من 5.5 مليون آخرين لتصبح أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم[4]. وتعاني النساء بشكل خاص من فقر الدورة الشهرية[5] نتيجة الحرب والتهجير، ناهيك عن عنف جنسي ممنهج يصل إلى الاغتصاب والاغتصاب الجماعي موثق في شهادات متعددة تمثل فقط “رأس جبل الجليد” للواقع المشين[6]، مما دفع الأمم المتحدة للتحذير من تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي[7]. ولا يختلف الوضع في الكونغو التي تعاني من أزمة ممتدة على مدار عقود، حيث تصاعدت الشهادات المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي بين عامي 2021 و2022 إلى 91% في مقاطعة شمال كيفو وحدها، وتشير التقديرات إلى خطر يلاحق أكثر من مليون امرأة هذا العام[8]. وخلال شهر يونيو وحده، استقبلت عيادات أطباء بلا حدود 1500 ناجية من الاعتداءات الجنسية في ثلاث مخيمات لاجئين في مقاطعة جوما[9]. نرصد ونوثق معاناة النساء من منطلق نسوي تقاطعي ملم بالسياق والتاريخ، ومقاوم للسردية الغربية التي تُركز على معاناة الأطفال ثم النساء وتغفل- عن عمد- معاناة الرجال من الجنوب العالمي، تزكيةً لفرضية أنهم إرهابيين أو يلاقوا ما يستحقونه. نساءنا ورجالنا وكبارنا وصغارنا نستحق الحرية والكرامة. [1] صندوق الأمم المتحدة للسكان، “مع مرور شهر على الحرب في غزة، تواجه النساء الحوامل كارثة تتفاقم بسرعة”، 7 نوفمبر 2023. متاح على: https://shorturl.at/ivKN4 [2] منظمة الصحة العالمية، “وكالات الأمم المتحدة تحذّر من أن النساء والمواليد يتحملون العبء الأكبر من المعاناة بسبب النزاع في غزة”، 7 نوفمبر 2023. متاح على: https://shorturl.at/fIOSW [3] شريكة ولكن، “العدالة الإنجابية للنساء في غزة الآن”، 14 نوفمبر 2023. متاح على: https://shorturl.at/txDN7 [4] مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، السودان- تقرير عن الوضع، 23 أكتوبر 2023. متاح على: https://shorturl.at/ovV89 [5] شريكة ولكن، “الحرب لا تُوقف الدورة الشهرية”.. حملة لتزويد السودانيات بالفوط الصحية”، 21 نوفمبر 2023. متاح على: https://shorturl.at/INQUX [6] سويس إنفو، “النساء في السودان بين نار النزاع وجحيم الاعتداءات الجنسية”، 7 يونيو 2023. متاح على: https://shorturl.at/btTU6 [7] يونيسيف، “اﻟﺳودان: ﻛﺑﺎر ﻣﺳؤوﻟﻲ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﯾدﻗون ﻧﺎﻗوس اﻟﺧطر ﺑﺷﺄن ﺣﺎﻻت اﻟﻌﻧف اﻟﻣﺗﺻﺎﻋدة ﺿد اﻟﻧﺳﺎء واﻟﻔﺗﯾﺎت”، 5 يوليو 2023. متاح على: https://shorturl.at/dwxBC [8] صندوق الأمم المتحدة للسكان، “في بعض الأحيان كانت تشعر باليأس”: ناجيات من العنف الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية يتعافين بمساعدة العاملين في الخطوط الأمامية لصندوق الأمم المتحدة للسكان”، 18 أغسطس 2023. متاح على: https://shorturl.at/oxGI8 [9] Voice of America, “I Wanted to Scream’: Conflict in Congo Drives Sexual Assault of Displaced Women”, 29 October 2023. https://www.voanews.com/a/i-wanted-to-scream-conflict-in-congo-drives-sexual-assault-of-displaced-women-/7325934.html
اليوم الدولي لعدم التسامح مطلقًا إزاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث
يوافق تاريخ 6 فبراير اليوم الدولي لعدم التسامح مطلقًا إزاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. وبالرغم من انخفاض نسبة الختان من 91% إلى 87% بين عامي 2008 و2015، إلا أن ظاهرة تطبيب الختان في ازدياد بحسب مسح الجوانب الصحية 2015 والمسح السكاني الصحي 2014. ويعرف تطبيب الختان بأنه قيام مقدم خدمة صحي بإجراء الختان سواء كان طبيبًا أم ممرضًا. فمن الملحوظ أن النساء في الفئة العمرية 15 – 49 تعرضن للختان من مقدم خدمة صحي بنسبة 48%، وذلك في مقابل إجراء مقدم خدمة صحي لختان 82% من النساء في الفئة العمرية 0 – 19. كما تزداد ظاهرة تطبيب الختان في حضر الوجه البحري بنسبة 54% مقابل 37% في ريف الوجه القبلي. ونظرًا لتفشي ظاهرة تطبيب الختان، يعاقب قانون العقوبات في المادة 242 مكرر مرتكبي الختان بالسجن بين خمس وسبع سنوات، ولكن ثمة ثغرات قانونية في المادة، وتتمثل في عبارتي «مع مراعاة حكم المادة (61) من قانون العقوبات»، و«دون مبرر طبي». وتلك العبارتان تفتحان الباب أمام الإفلات من المحاسبة عند إجراء الختان بحجة وجود ضرورة صحية أم مبرر طبي للختان. لذلك نوصي بأن يشمل المقترح القانوني الجديد تعديلًا يجعل مادة تجريم الختان قادرة على مواجهة ظاهرة تطبيب الختان بشكل فعال، وذلك بإزالة تلك العبارتين.