ملخص الأسبوع الثاني والأخير من مؤتمر المناخ COP 30

نهاية متوقعة انتهى مؤتمر المناخ COP 30 بعد مدّه ليوم إضافي، بعد تعثّر كان متوقَّعًا إثر تحفّظ الإتحاد الأوروبي على المسودة الأولية التي قدمتها الرئاسة البرازيلية للمؤتمر باعتبارها غير طموحة بما يكفي. هذا الرفض الأوروبي رافقه استياء كبير بين النشطاء ومنظمات البيئة بنهاية المؤتمر. فمقارنةً بالزخم الذي رافق المؤتمر والتوقعات التي بُنيت عليه بأن يسجل مرحلة تحول نحو التخلص من الوقود الأحفوري، فإن المسودة النهائية خرجت خالية الوفاض من التزام واضح بوقف الوقود الأحفوري، وهو هدف كان من الأولى أن تحشد الرئاسة البرازيلية له أكثر من غيرها كونها بلد حوض الأمازون رئة الكوكب دون مبالغة، وهي التي عانت في السنوات الماضية من حرائق كبيرة بسبب تبعات الأنشطة الاستخراجية في الحوض. مسودة متكررة ضغطت الدول الأكثر عُرضة لمخاطر المناخ- وهي مجموعة الدول الجُزُرية الصغيرة- مع الدول الأوروبية من أجل إدراج خارطة طريق لنهاية تدريجية للوقود الأحفوري، لكن مقاومة الدول المنتجة للنفط كانت قوية بما يكفي لطمس الفكرة من الوثيقة الختامية، وهو نفس مضمون ما تكرر في النسخ الثلاث السابقة على الأقل من المؤتمر، حتى وصف البعض المسودة النهائية بأنها “انتصار للنفط”. حيث خلت من أي ذِكر صريح أو حتى تلميح لوقف استخدام الوقود الأحفوري. تأثير النفط ربما كان الأكثر استفزازًا هو نجاح دول النفط من خلال تحالفات وضغوطات داخل مسار التفاوض في إلغاء أي صياغة تتعلق بالتخلص التدريجي أو حتى الخفض التدريجي لاستخدام الوقود الأحفوري، فتمكنت كيانات النفط والغاز الكبرى مرة أخرى- من دول وشركات- من حماية مصالحها في أنحاء العالم، لتُترَك الشعوب المعرضة لكافة أشكال التطرف المناخي من جفاف وفيضانات وحرائق غابات لتتحمل الكلفة وحدها. لغة الدبلوماسية التي لا تقنع أي طرف منذ بداية هذه النسخة من المؤتمر فضّلت رئاسته لغة دبلوماسية هادئة، وهي نفس اللغة التي فشلت طوال عقد كامل في وقف الانبعاثات فضلاً حتى عن خفضها، فكانت النتيجة مؤتمر آخر بلا إرادة، وبلا أدوات، وفشلت محاولات أكثر من 80 دولة- وعلى رأسها تحالف الدول الجُزُرية الصغيرة والدول الأوروبية وأغلب دول الجنوب العالمي- في فرض نصوص واضحة تفصيلاً وتاريخًا بخصوص التخلص من الوقود الأحفوري، وبدلاً عن ذلك تمخض جبل المؤتمر عن جملة واحدة بسيطة وهي “تسريع العمل المناخي”، دون تعهد أو محاسبة، فكان واضحًا الحرص على اختيار جمل وتعبيرات مصممة لعدم إثارة حفيظة أي من كيانات ودول الوقود الأحفوري الكبرى، دون توضيح لماهية العمل المناخي. متاهة التمويل المناخي.. مرة أخرى كالعادة شددت مسودة المؤتمر في المقابل على زيادة تمويل التكيف المناخي لصالح الدول الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية بل بالانهيارات المناخية، وأغلبها دول غير مساهمة بشكل أساسي في الانبعاثات، مثل عدد كبير من الدول الأفريقية والدول الجُزُرية الصغيرة، وحتى بعض الدول غير الكبرى التي تحتل مرتبة في نسبة الإسهامات في الانبعاثات كإيران التي تفكر حكومتها جديًا في إخلاء طهران العاصمة في المستقبل القريب على أثر الجفاف غير المسبوق الذي يضربها. لا ضمانات بكون التمويل حرًا أو خاليًا من الشروط تفرضها الدول الأكثر نشاطًا في الانبعاثات على ضحاياها من دول الجنوب العالمي، فتصبح ديون تعيقها أكثر في مواجهة كوارثها، لا سقوف مالية، وإن وُجدت فلا جداول زمنية، وإن وُجدت فالنُسخ اللاحقة من المؤتمر تُعيد نفس العجلة من جديد، كي تبدأ من جديد، والمتسبب هذه المرة هي الدول الأوروبية ذاتها التي تدفع نحو خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري. إحباط مُحق اختصارًا فإن الشعور المسيطر على القمة كان الغضب والإحباط لدى تلك الدول الجُزُرية الصغيرة التي تُركت حرفيًا في مهب الغرق، ولدى جماعات الضغط البيئية التي حضرت من كل القارات، ولدى الشعوب التي تعاني من كوارث مناخية تتزايد كل يوم ولم تعد مجرد تغيرات، وأصبحت ترى في مؤتمرات المناخ تجمعات سياسية أو مناسبات سنوية لا أكثر، وأثبت المؤتمر أن التوازنات الدبلوماسية لن تنقذ الكوكب، بل الإرادة السياسية التي تستطيع حشد الأدوات والقوى اللازمة لتحدي عمالقة وقوى الوقود الأحفوري في العالم وتفكيكها ثقافةً قبل تفكيكها كمؤسسات. للمزيد عن قمم المناخ السابقة: ماذا حدث في أسبوعي قمة المناخ Cop 29؟ خيارات صعبة ووعود هشة: السياسة والمناخ ومماطلة الدول الكبرى في قلب مخرجات Cop 29 أفق أم سراب؟ نظرة على مؤتمر قمة المناخ Cop 28 مؤتمر مدريد للمناخ: العالم يفشل في الحد من مخاطر تغير المناخ الأسبوع الأول من قمة المناخ COP 30: رسائل سياسية قوية وقيادة برازيلية نحو التخلي عن الوقود الأحفوري

اشترك في قائمتنا الأخبارية