الإسكندرية، رغم مكانتها التاريخية والجغرافية، تعيش اليوم تحت ضغط أزمات حضرية متفاقمة تهدد حاضرها ومستقبلها؛ فمن توسع عمراني متسارع على رقعة أفقية شبه ثابتة، ونموّ رأسي غير منضبط، ووجود مناطق سكنية تحتاج لتطبيق معايير السكن الملائم من حيث أمان الحيازة والموقع وتوافر الخدمات للمرافق وسهولة الوصول، إلى ردم المسطحات المائية وضغط هائل على البنية التحتية وانخفاض كبير في معدلات الإتاحة للمساحات العامة، فضلًًا عن خطر الغرق بفعل تغير المناخ.
من هنا، وعلى مدار عام كامل، جاء مشروع “الإسكندرية تحت المجهر” ليقدم حزمة مترابطة من المخرجات: أوراق بحثية، وتقارير مفصلة لكل حي، وورقة سياسات شاملة، إلى جانب مجموعات تركيز المختبر الحضري وورشة تصميم حضري وعمراني، ركّز المشروع فيهم على أربعة مستويات رئيسية:
المستوى الأول: البيانات والتقارير الإحصائية والخرائطية
المستوى الثاني: السياسات والقوانين والتوصيات
المستوى الثالث: إدماج مجموعات من السكان في المراجعة والنقاش
المستوى الرابع: إشراك شباب المتخصصين/ات من المواطنين/ات في تصميم حلول على مستوى الشارع والمشكلات اليومية.
ويأتي هذا التقرير بوصفه الخاتمة التطبيقية للمشروع، حيث ينقل أصوات السكان وخبراتهم وشهاداتهم المباشرة، ويضعها في صلب فهم المشكلات وتحويلها إلى «أحزمة علاج» قابلة للتنفيذ، لتصبح أصواتهم هي المفتاح في كشف «طوارئ حضرية صامتة» تظهر من خلال القصور التشغيلي، وفجوة بين الاعتمادية المكانية وجودة الخدمات في التعليم والصحة والنقل والمواصلات والسكن والمساحات العامة شملت النفايات وإدارة المخلفات والتظليل والتشجير والإشغالات والضوضاء، وأبعاد اجتماعية وجندرية للمشكلات. في المقابل، تُظهر الحلول التي قدمها الشباب والشابات من خلال ورشة الحلول العمرانية المفصلة في هذا التقرير، أن الشكاوى المتكررة يمكن أن تتحول إلى تدخلات صغيرة منخفضة التكلفة قابلة للقياس والتوسيع، ليصبح صوت السكان موردًا عمليًا وملموسًا، وأن الطريق الأقصر لتحسين الحياة اليومية في الإسكندرية يبدأ بالاستماع، والتجريب المحلي، ثم البناء على النتائج وتعميمها وفق مؤشرات واضحة، مع ضمان أن يبقى صوت السكان مدمجًا في كل رؤية ومخطط مستقبلي لضمان حياة لائقة للجميع.